حين ينام الطفل الرضيع في الظلام، يحتضن لعبته المفضلة كي يشعر بالأمان. وحين نكبر وننضج ونواجه الحياة كالكبار، لا نتخلص من هذه اللعبة كما نعتقد، بل نقوم - فقط - بتغييرها.
فكر معي في الأمر.. كلنا نواجه عالماً خارجياً فيه جانب مظلم بالفعل.. فيه فراق ومتاعب ومشاكل وعقبات وصدمات لا يمكن تجنبها لأنها جزء من طبيعة الحياة ذاتها.. وقدرتنا محدودة في التحكم في كل تفاصيل حياتنا لأن كثير منها خارج نطاق سيطرتنا أصلاً.. لا يمكنك التحكم في سائق متهور خدش سيارتك، أو زميل لا يقوم بعمله كما ينبغي، أو مرض طفلك، أو وفاة أحد أحبائك.. ليس لنا تحكم كامل في الحياة، لذا هي مليئة بالاحتمالات.. تماماً كالظلام..كالمجهول.. الذي يلتمس فيه الطفل اليقين باحتضان لعبته التي يعرفها جيداً.
لعبتك التي تلجأ لها في ظل عدم اليقين هي عالمك الداخلي. حين تكون الحياة قاسية، نلوذ بأفكارنا وقيمنا ومعتقداتنا لكي نستمد منها القوة والأمان. هذا هو الملاذ الذي يمدنا بالمعنى الذي ينير طريقنا وسط عتمة الحياة وقسوتها.
حين تواجه مشكلة، قل لنفسك إنها مؤقتة لا دائمة.. حين تواجه فشلاً، قل لنفسك إنه محدود ولا زالت باقي جوانب حياتك جيدة كما هي.. حين تؤلمك فكرة تجنب مواجهتها وأنت في أضعف حالاتك.. حين تفقد شيئاً ركز فيما لديك.. حين تجد من تفوق عليك قارن نفسك بمن تفوقت أنت عليه..
باختصار.. حين تكون الحياة قاسية، تهون عليك طريقة تفكيرك .. عالمك الداخلي.. الذي لا ينبغي أن يكون مقفراً مؤلماً قاسياً هو الآخر.
بعض الناس، يحتضنون لعبة مليئة بالأشواك.. يحشون عالمهم الداخلي بالثعابين والعقارب والعناكب السامة.. يملؤون نفوسهم بالقلق والخوف والتوتر والتشاؤم وإضعاف الثقة وتقدير الذات.. يعذبون أنفسهم بدلاً من أن يكونوا ملاذاً آمناً مريحاً لها.. كيف يعرف هؤلاء الاستقرار النفسي وهم أعداء أنفسهم؟
كي تواجه الحياة بسعادة، تصالح مع نفسك. اجعل عالمك الداخلي وثيراً مريحاً جميلاً، زين جدرانه بذكريات جميلة تتذكرها طوال الوقت، وآمال تطمح وتسعى إليها..
وربّت على الطفل الصغير بداخلك حين يتألم.
بدلاً من أن تكون أنت مصدر هذا الألم!