Loading

You are here

هل أنت خفاش أم عصفور؟

شريف عرفة

بعض الناس يهوون السهر حتى ساعات الفجر الأولى ليناموا في ساعات النهار..والبعض الآخر يفضلون العكس، ينامون مبكرا كي يبدؤوا يومهم في ساعات الصباح الأولى.

فماذا عنك أنت؟

هل تحب الاستيقاظ مبكرا كالعصافير، أم تفضل السهر والنوم متأخرا كالخفافيش!؟

يمكنك معرفة نوعك في هذا التصنيف، من ملاحظة ما تفعله في أيام إجازتك.. هل تحب الاستيقاظ في نفس موعد استيقاظك طوال الأسبوع؟

الصباحيون يميلون للاستيقاظ في وقت قريب من وقت استيقاظهم العادي ويحبون هذا.. أما المسائيون فلو تركوا وشأنهم، سيستيقظون متأخرا (ساعتين تقريبا) عن موعد استيقاظهم طوال الأسبوع.

هذا الاختلاف شائع ونراه حولنا طوال الوقت.. فما الفرق بين الشخص الصباحي والشخص المسائي؟

وهل هناك نمط حياة أفضل من الآخر؟

في دراسة بجامعة ألبرتا أجريت في 2009، وجد الباحثون اختلافا كبيرا في النشاط المخي بين كل من المجموعتين (الصباحيون والمسائيون).. فوجدوا أن محبي الاستيقاظ مبكرا، يكون نشاطهم العقلي في قمته في بداية اليوم، ثم يبدأ بالانخفاض تدريجيا حتى المساء.

أما من يستيقظون متأخرا فيحدث معهم العكس...يبدأ النشاط الذهني ضعيفا حين يستيقظون، ثم يبدأ في الارتفاع تدريجيا حتي يصل لقمته ليلا. يقول أحد الباحثين إن نشاطهم الذهني وصل قمته في التاسعة مساءا تقريبا! لهذا، يكون أداء المسائيين في أفضل حالاته ليلا، وأداء الصباحيين في أفضل حالاته صباحا.

أيهما أكثر نجاحا؟

يقول المثل الانجليزي إن العصفور المبكر يحصل على الدود.. وهناك دراسات عديدة تخلص لهذه النتيجة بالفعل.

أجرى الباحث كريسوف راندلر دراسة حول الصباحيين والمسائيين لمعرفة أيهما يكون أكثر إنجازا وتقدما في حياته العملية. في حوار معه (نشر بمجلة إدارة الأعمال بجامعة هارفارد)، يقول: "على الرغم من أن بعض الدراسات توضح أن المسائيين لديهم مميزات عديدة، فهم يميلون لأن يكونوا أكثر ذكاءا وإبداعا من الصباحيين -يفسر هذا كون معظم الفنانين والمبدعين مسائيين- وكذلك عندهم حس دعابة أفضل..لكن حين يتعلق الأمر بالنجاح المهني في عالم الأعمال عموما، يصبح لدى الصباحيين ميزة أكبر.. فقد بينت أبحاثي -يقول راندلر- أنهم يميلون للحصول على درجات أعلى في المدرسة ويدخلون كليات أرقى وبالتالي على فرص عمل أفضل..كما أنهم يتمتعون بروح المبادرة في حياتهم العملية وهو ما يجعلهم يصلون لمناصب أفضل بأجور أكبر".

أيهما أكثر سعادة؟

ترجح دراسة أخرى أجريت في جامعة تورونتو أن الصباحيين يشعرون بسعادة أكبر كما أنهم يميلون لأن يكونوا راضين عن حياتهم عموما. ربما لأن المسائيين يضطرون للاستيقاظ مبكرا ولا ينالون قسطا وافرا من النوم فيكون مزاجهم سيئا وهم ذاهبون للعمل.. و ما يترتب على ذلك من شرب كميات من القهوة ليظلوا متيقظين، وما لذلك من تأثير سلبي على الجهاز العصبي على المدى الطويل.

ويعاني المسائي، أيضا، من اختلال في علاقاته الاجتماعية لأن معظم الناس يتكيفون مع مواعيد الصباحيين أكثر من المسائيين، فليس كل الناس عندهم استعداد للسهر حتى ساعات متأخرة من الليل بسبب مواعيد العمل الصباحية المعتادة.

كيف تصبح صباحيا؟

حسنا..إذا كان الصباحيون أسعد وأنجح..هل من الممكن أن يحول الإنسان نمط حياته ليصبح صباحيا؟

هذا النمط ليس ثابتا في الإنسان ويتغير أكثر من مرة طوال حياته..فمثلا، معظم المراهقين يميلون لأن يكونوا مسائيين ويسهرون لساعات طويلة. وبين سن 30 و50 يصبح نصف الناس صباحيون والنصف الآخر مسائيون.. ومعظم كبار السن -من الستينات فما فوق- صباحيون.

يمكننا أن نقول إن الاعتياد يلعب دورا هنا. فالمراهق عنده طاقة كبيرة ولا يشعر بالمسئولية تجاه ما يجب أن يستيقظ لأجله في الصباح. أما الناضج، فيضطر للاستيقاظ مبكرا رغما عنه، فيتكيف مع الموضوع ويصبح صباحيا أو مسائيا طبقا لنظام عمله واختياراته الشخصية.. أما كبار السن فطاقتهم تكون أقل فيميلون لاتباع الساعة البيولوجية الطبيعية!

أذن فالاعتياد يلعب دورا هنا.. كثير من الناس غيروا نمطهم بسبب تغيير مواعيد عملهم.. هذه الأشياء قابلة للحدوث!

لو كنت مسائيا -مثلي- وأردت أن تكون صباحيا، يمكنك أن تستعين بهذه الأشياء:

1-تعرض لضوء الشمس!

نور الشمس الطبيعي له دور في تنظيم ساعتنا البيولوجية، واختراع النور الصناعي كان له أثر بالغ في اختلال دورة النوم عند البشر. فلو لم يكن لديك مصباح كهربائي ينير لك الظلام، قد تخلد إلى النوم بعد العشاء كما كان أجدادنا يفعلون.

تقول دراسة حديثة إن الشباب الذين لا يتعرضون لضوء الشمس بشكل كاف في الصباح، يؤثر هذا على ساعتهم البيولوجية ويصبحون نشيطين ليلا.

تقول ماريانا فيجويرو -صاحبة الدراسة- إن الشباب يقضون وقتهم غالبا في أماكن مغلقة ولا يتعرضون لضوء الشمس وهذا ما يجعلهم متيقظين في المساء. وتنصح بالتعرض لإضاءة كافية في ساعات النهار وتجنب الإضاءة الخافتة لأن التعرض لأشعة الشمس ينظم درجة حرارة الجسم والانتباه والشهية ودورة النوم، كما تقول الباحثة.

لذلك، إن أردت أن تصبح صباحيا، اخرج في الصباح وتعرض لأشعة الشمس المعتدلة. عش الصباح الباكر واستمتع بنوره!

2-السرير للنوم فقط

قد تبدو هذه النصيحة صعبة لمعظمنا إلا أنها مؤثرة بالفعل. تجنب استخدام الموبايل والكمبيوتر المحمول وأنت في السرير.. لأن هذا يحفز الجهاز العصبي ويجعلك متيقظا. فالألعاب تجعلك منتبها أكثر..والدخول لشبكات التواصل الاجتماعي قد يفتح حوارا يحفز الذهن أكثر مما ينبغي فيطير النوم من عينك. فحاول أن تتجنب هذه المثيرات قبل النوم مباشرة.

3-استرخ في المساء

قبل النوم لا تقرأ دراسات معقدة أو كتبا تحتاج إلي تركيز شديد (لو فعلت هذا ستظل متيقظا لفترة أطول ولن تنام إلا حين تصاب بالإرهاق التام!) بل حاول أن تشاهد أو تفعل شيئا يثير الاسترخاء. بعض الناس يقرؤون مجلة أطفال أو يشاهدون مسلسل كارتون.. البعض يقرؤون قصة ممتعة أو يتصفحون مجلة نسائية أو فنية.. المهم ألا تتناول منبهات أو تفعل شيئا يستدعي مجهودا ذهنيا كبيرا أو يثير مشاعر سلبية.

4-الرياضة

لو اعتدت على المشي-الهرولة أو ممارسة رياضة يومية بانتظام، ستجد أنك أصبحت أكثر نشاطا من ذي قبل، وينتظم يومك، ويصبح نومك أفضل في المساء. للرياضة تأثير كبير في حالتنا المزاجية أيضا وهو ما ينعكس بقوة على مستوى أدائنا العام.

حين تستيقظ قبل موعدك المعتاد، ستكتشف وجها آخر لليوم لم تعتد عليه.

فالهواء يكون أكثر نقاءً والجو أكثر اعتدالا والشوارع أقل ازدحاما.. ستجد وقتا كافيا كي تصل لعملك أو تقوم بالمشاوير التي ريدها..

حين تفعل هذا ستجد أن اليوم أصبح أطول مما اعتدت من قبل و يه أحداث أكثر، وأنك تنجز فيه أكثر مما اعتدت أن تنجزه في نمط حياتك المسائي.

إذ يبدو أن العصفور أكثر سعادة ونشاطا من الخفاش في هذا العالم!

تعليقات القراء