Loading

You are here

كن مغرورا !!

بقلم :د.شريف عرفة
 
كان لويس باستير واحدا من أعظم علماء الطب في التاريخ..
كان في زيارة لأحد المؤتمرات الطبية مع زوجته (في 1881) و ما أن دخل القاعة, حتى قام الناس واقفين و حيوه بالتصفيق الحاد بحماس شديد جدا.
فنظر باستير إلى زوجته وقال:
-          يبدو أن ولي العهد يزور المؤتمر..لقد جئنا في موعد غير مناسب!
لقد كان متواضعا.. و لم يتخيل أن هذا التصفيق كان له هو.
هذه القصة و غيرها ستجدها تروى كي تقنعك بأهمية التواضع.. و روعة التواضع.. و ما سيعود عليك من التواضع..
لكن , اسمح لي أن أهمس في أذنك بسر صغير:
..لا تسئ استخدام التواضع!
 
الجوهر أم المظهر؟
 
دائما ننصح الناس بان يركزوا على الجوهر و ليس المظهر الخارجي.. فلو أردت أن تفهم الناس حقا, يجب أن تركز على مافي داخلهم و تحاول معرفة عمقهم الإنساني و طريقة تفكيرهم..
لكن مهلا..
هل تعتقد أن كل الناس يتصرفون بهذه الطريقة ؟
مثال:
 هل تعتقد أن مديرك , عنده من الوقت ما يكفيه كي يتأمل جوهرك الناصع البياض, و يتجاهل المظهر الخارجي؟
 
االفكرة هنا هي أن المظهر الخارجي و تأثير الشخصية , لهما تأثير كبير على نظرة الناس لنا.. و يجب أن نعرف جيدا , أن نظرة الناس لنا قادمة في الأساس, من كلامنا نحن عن أنفسنا!
فالموضوع  ليس كما ينصحك البعض , ألا تتكلم عن نفسك كثيرا و تقلل من شأن نجاحاتك و ترتدي ملابس غير متناسقة.. كي تكون شخصا متواضعا لا يسعى للتفاخر!
 
خليك في النص
 
كأي شيء مفيد آخر: المبالغة في التواضع شيء ضار!
 فالتواضع في حد ذاته فكرة إنسانية نبيلة , هدفها أن تكون متزنا نفسيا و تتعامل مع الآخرين بشكل مهذب ليس فيه تعال أو عجرفة أو إهانة لهم و لمشاعرهم.. هذا هو الهدف الجميل من التواضع..
لكن لو أفرطت في التواضع , سيجلب هذا عليك الكثير من العواقب..
مثال:
تخيل أنك تجري مقابلة مع شخصين.. و تريد الاختيار بينهما لمنصب (رئيس قسم)..
تأمل كلام كل منهما عن نفسه ,و قل لي : من ستختار ؟
 
الأول:
-          مفيش مهارات شخصية يعني.. أدينا بنحاول.
-          ماحققتش نجاحات كتير..يعني .. حاجات بسيطة.
-          عايز أعيش مستور.
الثاني:
-          عندي مهارات قيادية ممتازة و أجيد التعامل مع نظم المعلومات.
-          حققت نجاحات كتير و خدت شهادة تقدير من مدير الشركة.
-          عندي أحلام مهنية كثيرة جدا و هاحققها إن شاء الله.
ها..؟
 هاتختار مين ؟
الأول قد يكون أفضل من الثاني بمراحل.. لكنه (مكسوف) يقول إنجازاته على سبيل التواضع.. و لا يرى أنه حقق نجاحات تذكر, ربما لأنه لا يحب التباهي بما حققه..
الفكرة هنا هي :
لا تحاول أن تبالغ في التواضع لأنه سيجر عليك نتائج وخيمة..و سيعطي انطباعا -قد لا تقصده- في أذهان الناس..
 لا بأس بقليل من التسويق لقدراتك و تجميل صورتك الاجتماعية..
-          هل تتكلم عن نفسك دائما بشكل إيجابي؟ أم تشكو الأحوال و الظروف؟
-          هل تذكر إنجازاتك في العلن؟ أم تتحرج من الكلام عنها؟
-          هل تهتم بمظهرك الخارجي كي يلقى انطباعا جيدا أمام من لا يعرفك؟
-          هل تهتم بمصادقة الناجحين ؟ أم تركز على نوعية معينة من الناس؟
المبالغة في كل شيء ضارة..
فلو زاد التواضع سيكون وضاعة..
و لو زادت الثقة ستكون غرورا..
حاول ألا تكون وضيعا يشفق الناس عليه, و ألا تكون مغرورا ينفر الناس منه..
فقط .. كن نفسك.. و دع الآخرين يعرفونك كما ينبغي.
 
و إلى أن نلتقي تذكروا دائما أننا نعيش في هذه الدنيا مرة واحدة فقط..
فلماذا لا تكون أروع حياة ممكنة ؟
 د.شريف عرفة

تعليقات القراء