Loading

You are here

هل نكافئ الموظف الذي لم ينجز عمله؟

انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، ورقة معلقة في إحدى الشركات، تنبه موظفي المبيعات لديها إلى أنهم لم يحققوا رقم المبيعات «التارجت» المطلوب منهم.. وبناء عليه، قررت الشركة التالي: مكافأتهم لأنهم بذلوا كل طاقتهم، وتنظيم رحلة لهم واستحداث غداء جماعي أسبوعي يجمع كل موظفي الشركة، والسماح لكل منهم بالعمل من المنزل يوم في الأسبوع، بالإضافة إلى هدية تقدم من الشركة لكل موظف منهم!

صاحب «التريند»
تواصلنا مع «ماجد زكريا»، مدير التسويق الإلكتروني في هذه الشركة المصرية، والذي قام باتخاذ هذا القرار.. فعلق على الأمر قائلاً:
فوجئت بأن الموظفين قاموا بتصوير القرار ونشره على الإنترنت، فأصبح «تريند» في ساعات معدودة.. لم أتوقع هذا.. وعن سبب اتخاذ القرار قال: هؤلاء الموظفين جدد وكان هذا أول شهر لهم في الشركة.. ومن الطبيعي ألا يحققوا المطلوب بالضبط، لأنهم لا زالوا يتعرفون على بيئة العمل، لقد بذلوا مجهوداً كبيراً في التدريب والسعي لتحقيق «التارجيت» ولمست هذا بنفسي.
وأضاف: كنت أعمل ضابطاً لنظم المعلومات واعتدت على تقوية علاقتي بالجنود بطرق مشابهة.. اليوم أقول للموظفين عندي دائماً: لا ينبغي أن تموت عمتك كي تأخذ إجازة.. فهذا حقك!.. المهم بالنسبة لي هو أن ألمس مجهوداً حقيقياً من الفريق وأن يستمر سير العمل في غيابك.

نظريات التحفيز
هل من المنطقي أن تكافئ الشركة الموظفين الذين لم يحققوا المعايير المطلوبة؟
طبقا لدراسات كارول دويك، الباحثة في جامعة ستانفورد، فإن مكافأة الشخص على المجهود الذي بذله، يجعله يدرك أن المجهود هو المهم، فيبذل المزيد منه في المرات القادمة.. فالنجاح ليس سببه الذكاء ولا الموهبة فقط بقدر اعتماده على المثابرة والالتزام والمجهود.. إنها «قاعدة العشرة آلاف ساعة» الشهيرة، التي تقول إن الموهبة لا تكفي للنجاح، بل أيضاً الممارسة المضنية والمران لمدة لا تقل عن عشرة آلاف ساعة، حسب دراسة لأندرس إريكسون الباحث في جامعة فلوريدا ستيت.

لا يناسب كل المهن
بالطبع، قد لا يكون هذا ملائماً لكثير من المهن والمؤسسات التي لا تحتمل عدم تحقيق المطلوب منها.. كما أن تقييم مجهود الموظف ليس أمراً سهلاً ويختلف من حالة لأخرى.. فقد يكفي بعض المهن - ببساطة - حساب عدد ساعات الحضور أو عدد الوحدات التي تم تسليمها.. بينما العكس صحيح في مهن أخرى، فقد يكون التقيد بدوام رسمي عائقاً حقيقياً أمام الأداء الجيد، وتكون الجودة أهم من العدد.. فمثلاً، هل من الحكمة تقييم إنتاج شاعر غنائي، بعدد ساعات جلوسه في الشركة؟ ترك هذا الشاعر يتنزه في حديقة أو يقرأ وروايات أو يعايش الناس في المقاهي أو يسافر، أكثر إفادة لأنه سيجعله يستلهم صوراً جمالية ويثري حصيلته البصرية والوجدانية.. في هذه الحالة، ليس مقياس «المجهود في العمل» هو عدد ساعات الجلوس في مكتب.. فكل مهنة لها مجهودها الأمثل ومؤشرات الأداء الأساسية KPIs الخاصة بها، كما يؤكد خبراء إدارة الموارد البشرية..

متى تكافئ على المجهود؟
مكافأة الموظف الذي لم يوفق في الوصول لهدفه، قد تكون استراتيجية ناجحة لو كانت النتيجة النهائية «التارجت» معتمداً على عوامل خارجة عن إرادة الموظف.. مثل تأثر موظفي المبيعات بحدوث تغيرات في السوق أو ركود اقتصادي مثلاً، أو حدوث ضغط استثنائي لفترة طويلة تفوق الظروف الطبيعية للعمل.. النتيجة النهائية قد تعتمد أحياناً على الحظ رغم أن الموظف بذل كل ما في وسعه..
للمكافأة على المجهود فوائد عديدة.. منها أن تركيز الشركة اهتمامها على النتيجة النهائية فقط، يعطي توجيها غير مباشر للموظف بأن عليه الوصول للهدف فقط بشتى السبل، دون حاجة لبذل مجهود إضافي في مساعدة الزملاء مثلاً.. وحين تراعي الشركة ذلك، فإنه يعزز من ولاء الموظف للشركة.
حين يبذل الموظف مجهوداً احترافياً موجهاً في أداء العمل - لا في إضاعة الوقت مثلاً - فإن هذا يمكن اعتباره مقياساً عادلاً للأداء حين تكون النتيجة النهائية معتمدة على ظروف خارج نطاق تحكم الموظف نفسه.
إذ ليس منطقياً أن يحاسب شخص على شيء خارج عن نطاق سيطرته!
يقول ماجد زكريا - صاحب الورقة المعلقة - عن النتائج التي تحققت من مكافأة هؤلاء الموظفين، إنها ليست واضحة أو مكتملة بعد.. لكنه لمس إخلاص الموظفين وتفانيهم في العمل، لذلك هو راض عن القرار لأن حماسهم وارتباطهم بالشركة مكسب في حد ذاته.

تعليقات القراء