Loading

You are here

التحكم في المشاعر ج2

بقلم د.شريف عرفة

في الحلقة السابقة عرفنا أن أول خطوة للتحكم في المشاعر هي أن نؤمن بأنه من الممكن التحكم في المشاعر!
هذا بسيط جداً..
سأتحكم في غضبي لو آمنت بأن هذا ممكن.. وأنني لا أطلب المستحيل..
هذه هي الخطوة الأولى.

في الحلقة السابقة تكلمنا عن أسباب تجعلنا غير قادرين على التحكم في مشاعرنا..

فالشخص العصبي مثلاً يعتقد -بشكل ما- أن العصبية مرادف لقوة الشخصية، أو الرجولة، أو قوة الموقف..

في حين أنك لو تأمّلت الصورة جيداً.. ستجد أن الشخص العصبي شخص غير ناضج عاطفياً، وليس عنده تحكّم في تصرفاته وليس العكس!

هل نظرت للموضوع من هذه الزاوية من قبل؟

كما أنه يخسر الكثير جداً.. صحته وعلاقاته وحسناته.. يخسر أكثر مما تتخيل!

هل لاحظتم هذا؟

الخطوة الأولى هي أن تستبدل اعتقاداتك السلبية بأخرى إيجابية..

فلنتابع الموضوع معاً...

================
التحكم أم الكبت؟
================
يحاول البعض طوال الوقت التحكم في مشاعرهم.. فيقومون باللجوء إلى الحل المؤلم: كبت هذه المشاعر..

أن تكون مغتاظاً أو متضايقاً أو مخنوقاً من أحد، وتحاول إظهار العكس..

كتْم المشاعر طوال الوقت قد يكون مؤلماً.. هذه الطريقة لا تنفع وحدها.. وهي ليست التحكم في المشاعر الذي أتكلم عنه..
ما الفرق؟

الفرق هو:

كتم المشاعر: أن تشعر بمشاعر سلبية؛ لكنك تتعلم ألا تظهرها..

التحكم في المشاعر: أن تتعلم ألا تشعر بمشاعر سلبية أساساً!

هل عرفتم ما أتكلم عنه؟

حسناً.. كيف تتحكم في مشاعرك إذن؟

سأعطيك بعض الخطوات البسيطة اللازمة لذلك:

===========================
1- حدد الشعور قبل أن تشعره!
===========================

هناك مواقف كثيرة تشعرنا بالحزن أو بالغضب أو بالضيق.. أو بأي شعور سلبي آخر..

بعض هذه المواقف ليس مفاجئاً..

أي أنك شعرت بأن حبيبتك لم تعد تحبك، ولم يبقَ إلا المواجهة..

أو تعرف أنك لم تجب جيداً في الامتحان وأنت ذاهب لرؤية النتيجة..

أي أن هناك فترة ترقّب، قبل أن تشعر بالشعور السلبي.

وهناك أيضاً صدمات مفاجئة.. إلا أنها لا تشعرنا بالحزن فجأة..

لو سألت صديقاً، تعرّض لصدمة معينة؛ فستجد أنه يؤكد لك أن المشاعر السلبية لم تأتِ فوراً.. لكنه لم يستوعب الصدمة إلا بعد مرور بعض الوقت..

نحن لا نتعرض لموقف سلبي؛ فننهار في البكاء فوراً.. هناك بعض الوقت.. وإن كان بضع ثوان..

في هذا الوقت عليك أن تحدد:

ما الشعور الذي تريد أن تشعر به؟

هذا سهل جداً.. حدد بصورة واعية الشعور الذي تريد أن تخرج به من هذا الموقف!

حين تركتك حبيبتك.. عرفت الخبر وظللت فترة -ولو كانت بضع ثوان- لم تستوعب الصدمة ولم تشعر بشيء بعد..

اسأل نفسك في هذه اللحظة: هل تريد أن تصاب بالاكتئاب؟ أم أن تعود أقوى مما كنت؟

حين يتكلم معك شخص ما بطريقة غير لائقة.. اسأل نفسك هل تريد أن تخرج عن شعورك؟ أم أن تكون هادئاً ويحترمك الناس لتحضّرك؟

غالباً ما تكون اختياراتنا الواعية سلبية أساساً.. أي أنك قد تكون مؤمناً تماماً بأن من تتركه حبيبته يجب أن يكتئب.. هل هذه هي القاعدة عندك؟!

في هذه المرحلة اختر بصورة واعية دقيقة.. الشعور الإيجابي الذي تريد أن تشعر به!

====================
2- أعدّ تفسير الموقف:
====================

عرفنا في حلقات كثيرة سابقة أن ما يضايقنا ليس الموقف السيء الذي يحدث لنا؛ بل نظرتنا لهذا الموقف!

مثال:

لو جاءك شخص.. وراح يتكلم معك بصوت عال وهو يلوّح بيده في عدم تهذيب..

بماذا ستشعر؟

بالغضب؟

بالتوتر؟

بالحزن؟

ستضحك من مَظهره؟

ستشعر بالشفقة عليه لعقله الصغير؟

ردود الأفعال هذه قد تحدث طبقاً لطريقة تفكيرك أنت ونظرتك للأمور.. فلو وضعنا 7 أشخاص في موقف واحد؛ فستجد أن ردود أفعالهم متباينة.. (فاكرين الكاميرا الخفية؟)

هذا الاختلاف سببه: طريقة تفسير كل منا لأي موقف!

فلو تكلم معك شخص ما بصورة غير لائقة؛ فما يضايقك هو:

نظرتك أنت لما حدث!!

فما يحدث هو أن حواراً داخلياً قد حدث بداخلك: هذا الشخص يهينني.. لا يصحّ أن يكلمني هكذا.. لست أنا من يعامل بهذه الطريقة... إلخ.

أما لو نظرت للموضوع ببساطة وأعطيته معنى جديداً؛ فسيتغير الإحساس تماماً:

حوار داخلي: هذا الشخص أبله.. هذا الشخص مسكين؛ فقد أعصابه بينما أنا هادئ... إلخ.

أفهمت ما أقصد؟

حاول أن تنظر للموقف من زاوية أخرى تثير فيك الشعور الذي تقرره أنت.. قد تبدو لك هذه الفكرة جديدة.. إلا أنها رائعة وفعالة جداً..

لو نظرت لأي موضوع ببساطة؛ فستكون سعيداً.. لو نظرت له بصورة سلبية.. فستشعر بمشاعر سلبية.. هكذا ببساطة!

لا يوجد شيء جيد أو سيئ.. تفكيرنا هو ما يجعله كذلك.. هل تذكرون هذه الحكمة؟

هذا الموضوع يحتاج بعض التمرين.. يمكنك أن تعيد تفسير المواقف التي تحدث حولك، وتنظر لها نظرة جديدة إيجابية..

جرب أن تمارس هذه المهارة.. والخطوة الأولى هي أن تقرر ممارسة هذه المهارة!

لا تقل إنها مستحيلة يا صديقي.. أرجوك.. من يقنع نفسه بأن النجاح مستحيل؛ فلن يحاول أن ينجح أساساً!!!

أرسلوا لنا تجاربكم كي تحكوا لنا ممارستكم لهذه المهارة المفيدة...

ونستكمل الحديث في الحلقة القادمة...
د.شريف عرفة

تعليقات القراء