Loading

You are here

ستة أبواب للسعادة

 
د.شريف عرفة

هل تعتقد أن السعادة حلم بعيد المنال؟
يعتبر كثيرون أن السعادة وهم أو سراب لا يمكن بلوغه أبدا.. إلا أن علماء النفس اليوم لا يعتبرون السعادة بعيدة إلى هذا الحد.. بل درسوها كممارسة يومية طبيعية و بحثوا في طرق تحقيقها، و وجدوا أنها بسيطة للغاية.. أبسط مما تتخيل!
فلو اعتبرنا أن السعادة هي إحساس الإنسان بمشاعر إيجابية كثيرة، و شعوره بالرضا عن حياته و اعتقاده أن لها معنى و غاية ما.. فهناك تمارين ذهنية عديدة، قام العلماء بتصميمها لتحقيق ذاك الغرض.. مجرد تدريبات بسيطة وجدوا أنها تعمل على زيادة المؤثرات الإيجابية التي يستقبلها عقلك، و تزيد من تقديرك لنفسك و رضاك عما تفعله.. و يمكن ممارستها من حين لآخر للحفاظ على مستوى سعادتك مرتفعا!
الأمر بسيط.. أليس كذلك؟

 
تخيل هذه التمارين كأبواب يحتوي كل منها قدرا من السعادة.. و أن الحياة رحلة، نفتح فيها هذه الأبواب -و غيرها- بالتتابع كي نحصل علي قدر من المشاعر الإيجابية و تقدير الذات لمساعدتنا على مواصلة المسير.

هناك عشرات التمارين الذهنية التي أثبتت جدواها بتجارب علمية.. فتعالوا نتعرف على ستة منها:


 

١- عبر عن امتنانك لشخص

هناك أشخاص ساعدوك في الحياة بشكل ما.. اكتب لكل منهم رسالة مطولة تشكره فيها و تعبر له عن امتنانك لما فعله من أجلك مستخدما أصدق التعبيرات الممكنة.. و تأمل اختلاج المشاعر الإنسانية و تدفقها في داخلك و أنت تكتب خطابا كهذا. و يمكنك إرسال الخطاب بالإيميل أو قراءته لهذا الشخص حين تقابله، إلا أن العجيب هو أن العلماء لاحظوا أن السعادة تزداد بعد كتابة هذا الخطاب، حتى إن لم تقم بإرساله أصلا!
المدة حسب الدراسات: اكتب خطابين مختلفين في الأسبوع لمدة أسبوعين.
 
 

٢- اكتب النعم التي في حياتك

غالبا ما ننسى في غمرة الحياة التركيز في الإيجابيات االموجودة في حياتنا، و ننشغل في السلبيات و المشاكل.. هذا التدريب يساعدك على تسليط "رادار الإدراك" الخاص بك للتركيز في كل ما هو جيد في حياتك، فتدرب عقلك على أن يلاحظ الأشياء الجيدة باستمرار. قم بكتابة الأشياء الجيدة التي تنعم بها في حياتك.. و الأشياء الجيدة التي حدثت لك خلال اليوم.. و ستجد تغييرا ملحوظا يحدث في نظرتك لكثير من الأمور. يمكنك ممارسة هذا التمرين بالكتابة أو بالكلام الشفهي مع أصدقائك أو كلعبة تلعبها مع أطفالك و أسرتك.
المدة حسب الدراسات: من مرة إلى ثلاث مرات في الأسبوع لمدة ٦ أسابيع.
 

٣- تذوق الحياة

كثيرا ما نكون في حالة جيدة إلا أن ذهننا شارد في مشاكل حدثت أو ستحدث.. هذا التمرين يعني أن تمارس الحياة و كأنك تتذوقها.. ركز و استمتع بكل نشاط جميل تفعله دون أن تجعل ذهنك يذهب بعيدا لوقت طويل.. استشعر الموقف الجيد الذي أنت فيها و عش فيه بكل كيانك. يمكن القيام بهذا بعدة طرق، منها استخدام حواسك كلها في الموقف الذي تعيشه، و التركيز في تفاصيل التفاصيل، و محاولة ترسيخه في ذاكرتك و طبعه في مخيلتك.. و من الأفضل القيام بهذا مع شخص تحبه.
المدة حسب الدراسات: ثلاث مرات في الأسبوع لمدة أسبوعين.
 

٤- استرجع الأيام الجميلة

قم بتسجيل اللحظات الجيدة التي تعيشها و خصص يوما في الأسبوع لتأملها.. يمكنك مثلا أن تحتفظ بتذكارات من أماكن زرتها، أو تجمع الصور التي تسجل ذكريات جميلة في "فولدر" محدد على الكمبيوتر لتستمتع بتأملها لاحقا.. التمرين هو أن تكتب عن يوم جميل تذكره و تسترجع كل تفاصيله.. هذه الممارسة سترفع من المؤثرات الإيجابية التي يستقبلها عقلك، فيصبح تقييمك لحياتك أكثر إيجابية.
المدة حسب الدراسات: ٢٠ دقيقة في اليوم لمدة ٣ أيام.
 

٥- ساعد الناس

  تقول الحكمة الشهيرة أن السعادة مثل الشمعة، يمكنك أن تشعل بها ألف شمعة أخري ليغمر النور المكان، دون أن ينتقص هذا من نورها. قم بمساعدة شخص أو إدخال السرور إلى قلبه، لأن هذا يزيد من سعادتك أنت.. امتدح شخصا لشيء جيد يفعله.. اسمح لشخص بالعبور أمامك في الشارع.. اترك بقشيشا كبيرا لنادل.. اكتب تعليقا لطيفا على الإنترنت.. قم بمهاتفة شخص لم تحادثه منذ فترة.. اشتر طعاما و قم بتوزيعه على الزملاء.. كن مبدعا!
المدة حسب الدراسات: خمس مرات في الإسبوع.
 

٦- تخيل نفسك في المستقبل

احضر ورقة و قلما و تخيل نفسك في المستقبل في أفضل حال ممكن.. كيف تتمنى أن تكون؟ و أين؟ و مع من؟ صف كل شيء بدقة و بالتفصيل و كأنك تعيش هذه اللحظات فعلا.. لا يجب أن تكون الصورة واقعية بالضرورة.. وجد العلماء أن هذا التمرين، يزيد من سعادة ممارسه لمدة ثلاثة أسابيع، و يحسن من صحته الجسدية لمدة ٥ شهور بعد ممارسة التمرين الذي لا يستغرق إلا أياما معدودة!
المدة حسب الدراسات: ٢٠ دقيقة لمدة ٤ أيام.
 

كيفية الممارسة

طبعا لم نذكر كل الأبواب المتاحة فهي كثيرة جدا.. و هناك تمارين تركز في التواصل الاجتماعي مع الآخرين و تقوية العلاقات كمصدر هام من مصادر السعادة و الدعم النفسي، لكني ذكرت ما سبق على سبيل المثال.
اقرأ قائمة التمارين السابقة جيدا ثم اختر منها الأنشطة التي تعتقد أنها تناسبك أكثر، ثم مارسها بتنوع، لا بتكرار نفس النشاط.. أي أنك لو اخترت مساعدة الناس -مثلا- فعليك القيام بشيء مختلف كل مرة.. لو تخيلت نفسك في المستقبل، فلا تكتب نفس الكلام، بل اكتب تفاصيل إضافية أو مواقف و أهداف أخرى.. أي أن العبرة ليست بطول المدة و كثافة التمارين، بل بالتنوع و الاختلاف في ممارستها.

 تقول الباحثة سونيا لوبوميرسكي الأستاذة بجامعة كاليفورنيا أن ممارسة هذه الأنشطة باستمرار يمكنه أن يزيد من مشاعرك الإيجابية و تقديرك لحياتك بشكل ملحوظ لو اخترت منها ما تعتقد أنه يناسبك.. لدرجة أنها قامت بتصميم تطبيق على الهواتف الذكية ليكون في متناول يدك طوال الوقت و يساعدك على ممارسة مثل هذه التمارين.

لاحظ أن قراءة عشرات المقالات عن السعادة لن يجعلك سعيدا، كما أن قراءة كتاب عن قيادة الطائرات لن يجعلك طيارا..
 لابد من الفعل و التجربة و التعلم.. فالسعادة ممارسة يومية و ليست غاية نهائية.

 قم بتطبيق هذه التمارين و قل لي، ماذا فعلت؟
 و ما التغير الذي لاحظته؟

و تذكر دائما أننا نعيش في هذه الدنيا مرة واحدة فقط.. فلماذا لا تكون أسعد حياة ممكنة؟

 
د.شريف عرفة
تعليقات القراء