هل تكره الغرب؟
دعونا نكن أكثر دقة.. هل تكره الشعب الأمريكي والشعوب الأوروبية؛ لأن قيمهم مختلفة عنك؟
يُنادي البعض يجب أن نكره الغرب؛ لأنه يُفسد شبابنا.. ويصدّر لنا القيم السيئة. فهل هذا ما يحدث بالفعل؟
وهل هذا سبب وجيه كي نكره الغرب؟
الحرية الجنسية أهم سبب يدعو البعض لإعلان كراهيته للثقافة الغربية, هو الحرية بين الرجل للمرأة. يقول المؤمنون في هذا الموضوع إن الغرب يُفسد شبابنا وثقافتنا وحضارتنا بأعماله الفنية. وأنه يصدر لنا هذه القيم كي يهزّ إيماننا وحضارتنا وقيمنا. فهل هذا ما تعتقده حقا؟
لو فكرت معي قليلاً، سنجد أن الغرب لا يفعل شيئاً سيئاً من وجهة نظره.. بل يظهر بالطريقة التي يعيش هو بها. فبطل الفيلم الذي يعيش مع صديقته في الثانوي, ليس شريراً يحاول القضاء على الإسلام.. لكنه -ببساطة- يعيش الحياة التي وجد أن أمه تعيشها!
لو كان مجرد الاضطلاع على "أسلوب حياة الآخر" يهزّ إيمانك ويؤثر على أسلوب حياتك أنت, فهذا معناه أنك لست مقتنعاً بأسلوب حياتك وأن المشكلة الحقيقية عندنا نحن!! لو كنت مؤمناً أن أسلوب حياتنا صحي ومثالي ويحافظ على الحياة الاجتماعية والمشاعر بين الرجل وزوجته, ويحترم قيم الأسرة، ويبعدنا عن الأمراض الاجتماعية التي يعانون منها.. فستشعر بالشفقة نحو الغربيين لا الكراهية.
لو كنت مؤمناً بأسلوب حياتك, لن تجد أن أسلوب الحياة الآخر يغريك إلى هذا الحد, ما لم تكن تنظر إلى دينك نظرة "القيود الكريهة" التي تقيدك رغما عنك! وقتها سيستفزك أن ترى من لا يحمل على عاتقه هذا الحمل المزعج الذي لا تطيقه, و تعتبر حياته استفزازا لمشاعرك! أليس كذلك؟
مثلا, مسلسل "أصدقاء" فيه مجموعة من الأصدقاء "شباباً وشابات" يعيشون معاً, والحرية الجنسية واضحة في كل الحلقات. هل هذا المسلسل يُفسد شبابنا؟ بالعكس.. بالنسبة لي, أشعر بالشفقة نحو أبطال المسلسل. ففي هذا المسلسل "الكوميدي":
روس جيلر: انفصل عن زوجته؛ لأنها شاذة جنسياً, وتركته كي تعيش مع صديقتها الشابة, ويربيان معاً ابنها الوحيد.!
فيبي بوفيه: حملت من أخيها الصغير بالتلقيح الصناعي.. لأن زوجته كبيرة في السن.!
شاندلربينج: أمه مؤلفة أفلام بورنو, ووالده شاذ جنسياً يرتدي ملابس النساء ويغني في الحانات.!
كراهية أم تقبّل الآخر؟
يمكنك ألا تشاهد هذه الأعمال الفنية.. يمكنك أن ترفضها.. لكن الكراهية و البغض شعور سلبي و إن ادعى دعاته غير ذلك! بالنسبة لي, لا أعتقد أن أسلوب الحياة هذا رائع؛ لأنني مقتنع تماماً بأسلوب آخر. فلو لم يكن أسلوب حياتك باختيارك واعتقادك وإيمانك أنه أسلوب حياة صحي ومثالي, فستحدث لك أزمة حضارية حقيقية حين ترى هذا الآخر.. ولن تستطيع تقبّله.
بمعنى آخر: كي تتقبل الآخر, يجب أن تتقبل نفسك!
.شريف عرفة