يعتقد البعض أن الغرب منحل و فاسد و ضار بقيمنا لذلك يجب التخلص منه أو كرهه قدر المستطاع..هذا ما تكلمنا عنه في الحلقة الماضية.
أما اليوم سأكلمكم عن الانبهار بالغرب.
هل تعتقدين أن المرأة في الغرب لها حقوق أكثر ؟
هل تحسدين المرأة الغربية ؟
أثناء زيارتي للولايات المتحدة الأمريكية, عرفني أخي على بعض زميلاته. جلسنا سويا و راحت كل منهن تتحدث عن الحياة و ما يشغل بالها و همومها و مشاكلها..خصوصا حين عرفوا أنني أعمل في مجال التنمية الذاتية.
كانت فرصة جيدة كي أعرف ما هي هموم الفتيات هناك..فهي -حتما – تختلف عن هموم الفتاة العربية.
قالت جلاديس:
- تركني صديقي بالأمس..إن حالتي المعنوية سيئة للغاية.
قاطعتها ليزا:
- له الحق أن يتركك.. هل تصدق يا شريف.. لقد اقترحت عليه أن يتزوجها!
هززت رأسي مدعيا الفهم.. ثم سألتها :
- ما الذي كان يفترض أن تقوم به من وجهة نظرك؟
قالت ليزا:
- لا يجب أن تعرض عليه الزواج كي لا يخاف منها.. كل الرجال يخشون الارتباط و المسئولية.. يجب أن يعيشوا سويا لفترة طويلة قبل أن تطلب منه طلبا وقحا كهذا !
و سألتني السؤال الذي أخشاه:
- أليس كلامي صحيحا؟
صمتّ قليلا.. هنا يأتي الفرق بين (متحدث تحفيزي) عربي و (متحدث تحفيزي) خواجة.. عندنا قيم و معتقدات و دين , يجعلنا بعيدين كل البعد عن كل هذا.. قلت لها:
- عندي ملاحظة مضحكة قبل أن نكمل الحديث..هل تعرفين أن عندنا في مصر.. لو أراد شاب أن يتعرف على فتاة , يجب أن يظهر نيته على الارتباط بها أولا ؟!!
عزيزتي القارئة العربية .. هل لازلت تعتقدين أن الفتيات في الغرب أفضل حالا؟
القيود
كي نحقق أي نجاح, فإن لهذا طريقا محددا يجب أن نمشي فيه..فنحن نضع لأنفسنا قواعد كي تضمن أننا نسير في هذا الطريق..
فيجب أن أذاكر -رغم أنني اريد اللعب- كي أنجح..
يجب أن استيقظ مبكرا – رغم أنني أريد النوم- كي اذهب للعمل.. يجب ألا آكل النشويات بإفراط, كي أحافظ على صحتي.. بعض الناس يحبون هذه القواعد لذلك ينجحون أكثر من غيرهم..
فلو أحببت المذاكرة و الاستيقاظ مبكرا و الطعام الصحي-مثلا- ستحقق هذه الأهداف..
بينما البعض يعتبرونها قيودا تعوقهم,و يعتبرون أنها مفروضة عليهم, لذلك لا ينجحون.
هذه هي الحياة.. الحرية الحقيقية هي أن نفهم الحكمة من هذه القواعد التي نضعها بأنفسنا في حياتنا و أن نحبها, لأنها توصلنا إلى الحياة المثالية و السعادة التي نريدها.
فلو رأيت أي شخص, محرر من هذه القواعد التي وضعتها أنت حول نفسك, فاشعر نحوه بالشفقة, لأنه لن يصل أبدا, إلى ما تريد أنت الوصول إليه.
الحرية: هي قدرة الإنسان على وضع القيود حول نفسه! (حكمة)
معنى التعايش
التعايش هو تقبل فكرة أن هناك آخر.. أن هناك أشخاصا يعيشون بأسلوب حياة مختلف عن هذا الذي أعيشه.. و أن علي أن أتعامل معهم على هذا الأساس.
التعايش هو أن تتقبل أصحاب الحضارات الأخرى و تحترم اختيارهم في أن يعيشوا هذه الحياة, لأن هذه هي حضارتهم.. و تتفهم أنهم تربوا على ذلك و لا يعرفون الصحيح و الخطأ بنفس المقاييس التي تعرفها أنت.
سؤال: لكن أسلوبهم خطأ طبعا.. و حياتهم -طبقا لي- ليست صحيحة.. فكيف أتقبلهم؟
أن تتقبل الشخص الآخر, لا يعني أن توافق على ما يفعله.. قد ترفضه و ترى أنه سيء و على خطأ.. لكن في نفس الوقت تؤمن أن هذا الشخص حر في تصرفاته طالما هي في حدود حياته هو, و مجتمعه هو, و ثقافته هو.
مثال:
في أحد البرامج التلفزيونية , استُضفت كي أتكلم عن تقبل الآخر في مجتمعنا العربي.
و كان معدّي البرنامج قد جهزوا تقريرا تم تصويره في الشارع. سألوا المارة :
- ما رأيكم في الرجل الذي ينشر الغسيل لزوجته؟
قال البعض: هذا شيء جيد و يقوي العلاقة بين الرجل و زوجته..
و قال البعض: هذا خطأ لأنه دور المرأة و ليس الرجل..
إلا أن أحدهم قال في ثقة:
- اللي يعمل كده, مايبقاش راجل!
الاختلاف في الرأي لطيف.. لكن المأساة أن تعتقد أن من يخالفك الرأي, مش راجل !
فهل هذه هي طريقة تفكيرك؟