بقلم:د.شريف عرفة
تكلمنا في حلقة سابقة عن الخبرات التي يفرزها عقلنا الباطن في المرحلة التي نسميها: النوم.
وتكلمنا عن تفسير العلماء لهذه الأحلام.
لكن.. ما هو النوم؟
كلنا نمر يوميا, بهذه الخبرة المعتادة.. كلنا نغمض أعيننا ليلا, ثم يحدث (شيء ما) فنجد أنفسنا في الصباح, وفي أذهاننا صور مختلطة لأحداث ومواقف حدثت لنا في هذه الأثناء..
فما الذي يحدث بالضبط؟
مراحل النوم
حين نذهب للنوم, يحدث النوم على 3 مراحل , تتكرر طوال فترة النوم.
المرحلة الأولى:
هي مرحلة (الدروَخة!), أنت لست نائما لكنك في الطريق لهذا.
المرحلة الثانية:
تبدأ العضلات في الاسترخاء ويبدأ الوعي في الغياب.. تمثل حوالي 50% من النوم.
المرحلة الثالثة:
REM-SWS هي مرحلة الدخول في النوم, فالنوم العميق.. هنا تحدث الأحلام والكوابيس, وهنا -حين يحدث خلل ما- يحدث التبول اللاإرادي والمشي أثناء النوم...
- في هذه المرحلة تتحرك العين بسرعة وبشكل متواصل من اليمين إلى اليسار والعكس.. لهذا تُسمَّى هذه المرحلة (rapid eye movement (REM.. في هذه المرحلة يحدث الاستغراق الشديد في النوم, ويحدث الاستغراق الشديد في أحداث الحلم والاندماج فيها.
- في هذه المرحلة, الطبيعي أن يحدث شلل مؤقت في عضلات الجسم, كوسيلة دفاعية.. تمنعك من المشي أثناء النوم أو إيذاء نفسك.. أو لكم زوجتك- أو زوجك لو كنت تحلم أنك تلعب الملاكمة مثلا!
- في هذه المرحلة.. ندخل البوابة السحرية للأحلام.
معنى هذا أننا نحلم أكثر من مرة في الليلة الواحدة.. لأن هذه الدورة مستمرة طالما نحن نائمون.
الأحلام الشفافة lucid dreams
خبراء التأمل.. يقولون لنا شيئا مثيرا للاهتمام...
يقولون: إن هناك نوعا من الأحلام مثير ومختلف عن كل الخبرات التي عرفناها من قبل..
إنها الأحلام الشفافة أيها السادة.. قمة التحكُّم العقلي والصفاء الذهني الذي يطمح فيه ممارسو الاسترخاء..
هل تعرفون ما هي الأحلام الشفافة؟
إنها ببساطة: (حين تكون في الحلم, وأنت تعرف أنك تحلم!)
حين ترى أحلامك من الداخل.. حين تفعل أي شيء تريده في الحلم طالما أنك تعرف أنه حلم.. يمكنك أن تطير في الهواء أو تقابل أي شخص من الماضي.. أن تعيش في أي مكان وتقوم بأي شيء تَمنَّيته.. وأنت تعرف أنك تحلم!
تجربة ممتعة هي.. أليس كذلك؟
يبالغ ممارسو التأمُّل في أهمية هذا النوع من الأحلام.. فيقولون إنه وسيلة ممتازة لفهم أنفسنا.. وتفريغ طاقاتنا المكبوتة.. كما أنه شيء رائع أن تعيش تجربة كهذه بيني وبينك!
البعض منا حدث له شيء كهذا من قبل.. والبعض الآخر لم يَعِش هذه التجربة.. لذلك فهناك خطوات يمكنك ممارستها كي تحصل على هذا النوع من الأحلام العجيبة.
خطوات التهيئة للحصول على الأحلام الشفافة
كي تحلم اليوم حلما من هذا النوع؛ فإن هذا ليس مستحيلا..هناك كتب لا تنتهي لممارسات اليوجا والتأمل والاسترخاء, تعلمك كيف تحصل على هذه الأحلام الشفافة ..
لكن يمكنك الحصول عليها بهذه الطرق البسيطة:
1- وأنت في السرير تخيل آخر حُلم حلمته.. عِش في جوِ آخر حلم تتذكره وتخيل أنك تعيش فيه, وحاول أن تنام في هذا الجو.
2- أو تخيل أنك تعيش في حلم شفاف.. ما الذي ستفعله وقتها؟ حاول أن يغلبك النوم وهذه الأفكار في ذهنك.
3- يمكنك أن تضع بجوار السرير ورقة وقلما, كي تكتب الحلم الذي تتذكره فور استيقاظك, لأنك ستنساه سريعا.
4- اضبط المنبه كي يوقظك في وسط النوم.. قد يوافق هذا مرحلة (REM) من النوم التي تحلم في أثنائها.
5- اشرب كمية كبيرة من الماء قبل النوم.. شرب الماء صحي عموما, كما أنه يضمن لك الاستيقاظ على الأقل مرة أثناء النوم كي تذهب إلى دورة المياه.
6- لا تستيقظ فورا كي تمارس حياتك.. بل ابقَ فترة في السرير كي تظل في المُود الخاص بآخر حلم!
بالنسبة لي, لم أجد هذه التجربة مفيدة إلى هذا الحد.. مجرد تجربة لا تفيد ولا تضر!
حلمت أنني في الحلم, وأنا أعرف جيدا أنني أحلم.. فما الذي أريد تحقيقه؟
وجدت أن الإجابة هي: لا شيء!!
طالما هو حلم وليس حقيقة, فما الهدف؟ مجرد خيالات أصنعها بعقلي اللاواعي.. لذلك لم أجد الحماس كي أقوم بأي شيء وقررت الاستيقاظ!
ربما يختلف الحال معك, لأن دماغك غير دماغي يعني!
الكوابيس الشفافة!
هناك نوع من الأحلام الشفافة, قد لا يكون سارا أو لطيفا..
- منها ذلك الحلم الشهير, بأنك (مشلول وغير قادر على الحركة في السرير!)
يقول البعض إنه نوع آخر من الأحلام الشفافة.. أن تفقد الإحساس مؤقتا, بالخط الفاصل بين الواقع والحلم..
ويقول البعض عن هذا الحلم, إنه يحدث لأنك استيقظت –على سبيل الخطأ- في مرحلة (REM) حين يكون الجسم مشلولا فعلا!
- هناك أيضا ذلك الحلم, حين تستيقظ من النوم في سريرك, ثم يحدث (شيء ما) لتكتشف أنك لازلت تحلم!
- هناك أيضا تجربة (الخروج من الجسد).. حين تحلم أنك تخرج من جسدك وتطير في الهواء..
يؤكد السحرة والمشعوذون والنصابون أنها تجربة حقيقية ويطلقون عليها اسما مهيبا هو (الإسقاط النجمي – ASTRAL PROJECTION) لكن لو تأملت ممارساتهم جيدا, ستجد أنها تركز على حالة فقدان الوعي, أو مابين الوعي واليقظة.. أو على إرهاق الجسم (كما يفعل سحرة الشامان) كي تصل إلى مرحلة شبيهة بالنوم.. أو تستنشق أبخرة أو مواد ما (كما يفعل السحرة) كي تصل إلى مرحلة شبيهة بالنوم.. او تمارس الاسترخاء والتامل وتصل إلى حالة شبيهة بالنوم!
اهتم علماء الباراسايكولوجي وأشهرهم "أندريا بوهاريش", بهذه الممارسات.. ولو قرأت في هذا الموضوع ستجد أن الأمر لا يعدو عن كونه نوعا من الأحلام الشفافة.. أنت تحلم لكن الحلمَ واقعي, وقد اختل الجدار الفاصل بين الواقع والخيال.
تكلمت يوما مع أحد المؤمنين بالإسقاط النجمي, وقلت له: زرني هذه الليلة وقل لي, ما الذي أفعله بالضبط ؟؟
فقال لي إن النتائج ليست مضمونة 100%
فقلت له إن هذا يعني أنه ليس علميا!
إنه مجرد نوع آخر من أنواع الأحلام الشفافة.
أحلام شهيرة
أحلام كثيره تبدو مألوفة بالنسبة للجميع, وأعتقد أنك قد حلمت ببعضها..
تأملوا معي هذه الأمثلة وقولوا لي: هل حلمتم هذه الأحلام من قبل؟؟؟
- تسقط من مكان مرتفع, وقبل أن تصل للأرض, تستيقظ!
- تحلم أنك تطير, أو تسقط من أعلى بسرعة بطيئة جدا, وكأنك ريشة!
- تحلم أنك في الامتحان, ولكن لا تعرف أي إجابة, أو لم تحضر أي أدوات!
- تحلم أنك تهرب من (شيء ما) لكن سرعتك بطيئة جدا!
- تحلم أنك تقابل شخصية شهيرة وتتكلم معه وكأنه صديق مقرب!
هذه الأحلام شائعة جدا.. أما عن تفسيرها فأتركه لك.. طبقا لما تراه صحيحا, طبقا للنظريات التي كلّمتك عنها في الحلقة السابقة..
هذه الحلقة ليست في التنمية الذاتية, لكنها رحلة سريعة في العقل الباطن, نعاود بعدها الحديث عن حياتنا وطموحاتنا...
فإلى اللقاء في الحلقة القادمة...
د.شريف عرفة