Loading

You are here

هل أنت كاكابو؟

بقلم: د.شريف عرفة

الكاكابو طائر عجيب أثار أسلوب حياته حيرة العلماء طويلا..

يعيش هذا الطائر ظريف الشكل في نيوزلاندا.. و هو من فصيلة الببغاء لكنه أكبرها حجما و لا يطير.. رغم أنه يعيش في بيئة مليئة بالأعداء الطبيعيين..

و لا يجيد الجري بسرعة كي يهرب من أي مهاجم.. لكنه يجلس في مكانه آملا أن يخفيه لونه الأخضر وسط الأشجار, إلا أن رائحته (تشبه رائحة القش) واضحة جدا و من السهل أن تجذب الحيوانات المفترسة..
يتزاوج في أماكن مفتوحة مرئية.. ثم يضع عددا قليلا من البيض, تتركه الأم لمدة 3 شهور وحيدا بدون أي حماية من أي نوع..

كيف يقضي هذا الكائن حياته ؟
في: لا شيء!.. فهو يظل متسكعا في الغابة , يأكل الحشائش و يشرب و ينام.. إلى أن يأتي موسم التزاوج..

نمط الحياة هذا الطائر , كان مناسبا قبل القرن العشرين.. ففي هذا الوقت لم يكن في نيوزلاندا كائنات ثديية إلا الخفافيش.. و التي لا تشكل تهديدا لهذا الطائر اللطيف..

أما اليوم.. ففي نيوزلاندا الفئران و القطط و الكلاب و بالطبع الصيادين من البشر.. اليوم أصبح هذا الطائر مهددا بشدة.. و على الرغم من هذا يصر على نمط حياته القديم الذي اعتاد عليه لآلاف السنين..

علماء البيولوجيا التطورية, يؤكدون أن قانون الطبيعة الخالد هو التطور و التكيف.

لو لم يستطع الكائن أن يطور من نمط حياته ووسائله الدفاعية كي يتلاءم مع البيئة الجديدة, فلن يستطيع الحياة و سينقرض كما انقرض الديناصور و الفيل القطبي و الدودو..
و ..الكاكابو.

نعم.. ألم أقل لك أن هذا الكاكابو اللطيف, كائن نراه ينقرض أمام أعيننا اليوم ؟

فلحظة كتابة هذه السطور, لم يعد من الكاكابو في العالم كله إلا 80 طائرا فقط.

قبل أن تضرب كفا بكف, و تتعجب من هذا الكائن الذي لم يستطع التكيف مع العالم الجديد.. اسأل نفسك:

ألا ترى تشابها بيننا و بين هذا الكائن العجيب؟

فنحن نعيش في مجد حضارة الماضي.. و نحاول تكرار ما كنا نفعله في الماضي.. و كأن منتهى أملنا أن يعود الزمن إلى الوراء.. في عالم ينطلق كالصاروخ نحو المستقبل..

في بيئة أصبحت مليئة بالتنافس.. أمريكان صعدوا للفضاء.. و هنود أصبحوا خبراء في البرمجيات.. و أوروبيون عرفوا الوحدة الاقتصادية..و صينيون يملئون اسواقنا بكل شيء..
هل نطور من أنفسنا و ننظر إلى الأمام؟
أم نفكر كالكاكابو.. الذي لم يتطور, بل ظل يتمنى أن يتغير العالم كله من حوله , كي يناسب نمط حياته هو؟

هل نحن ، كاكابو ؟

تعليقات القراء